قالت: "ما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته
في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان".
فإلى الذين يستنُّون بسُنَّة النبي ويقتدون به، ويعلنون للدنيا أن الرسول
قدوتهم نقول: قد أقبل عليكم شهر حبيب إلى حبيبكم ، وقد بان لكم
خصوصية هذا الشهر ومكانته وعلمتم فضائله ومنزلته، وكيف
كان حال النبي فيه، فلقد شاع الخبر أنه كان يُكثر الصيام فيه, فماذا أنتم فاعلون؟!
إن الباقَة الكريمة من الأحاديث الشريفة التي نوَّرت السطور السابقة، وعطَّرت
مسامعنا تنادي فينا: "هلموا يا أتباع محمد إلى خيرٍ كان يحرص عليه حتى وفاته".
لم يختلف الصحابة الكرام في حالِ النبيفي شهر شعبان ، وكيف كان يُكثر
الصيام فيه، فما الحكمة من ذلك؟!
ذكر الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى: "ولعل الحكمة في صوم شهر شعبان
أنه يعقُبه رمضان، وصومه مفروض، وكان النبي يُكثر من الصوم في شعبان
قدر ما يصوم في شهرين غيره؛ لما يفوته من التطوع الذي يعتاده بسبب صوم رمضان".
وقد ذكر الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- في بيان حكمة إكثار النبي
من الصيام في شعبان: أن شهر شعبان يغفُل عنه الناس
بين رجب ورمضان ؛ حيث يكتنفه شهران عظيمان، الشهر الحرام رجب وشهر الصيام
رمضان، فقد اشتغل الناس بهما عنه فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس
يظن أن صيام رجب أفضل من صيامه؛ لأن رجب شهر حرام، وليس الأمر كذلك،
فقد روت السيدة عائشة -رضي الله عنها-
أنها قالت: "ذُكر لرسول الله ناسٌ يصومون شهر رجب، فقال: فأين هم من شعبان؟".
وفي قوله: "يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان".. دليل على استحباب عمارة
الأوقات التي يغفل عنها الناس ولا يفطنون لها، كما كان في بعض السلف، يستحبون
إحياء ما بين العشاءين (المغرب والعشاء)، ويقولون:هي ساعة غفلة وكذلك فضل
القيام في وسط الليل ؛ حيث يغفل أكثر الناس عن الذكر؛ لانشغالهم بالنوم
في هذه الساعة، وقد قال النبي: "إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن".
وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرُّد بذكر الله تعالى في وقت من الأوقات، قلَّ من يذكر الله فيه.
وقد صحَّ عن النبي الأكرم قولُه: "العبادة في الهرج كالهجرة إليَّ"، وخرجه الإمام
أحمد في مسنده ولفظه: "العبادة في الفتنة كالهجرة إليَّ" وسبب ذلك أن الناس
في زمن الفتن
ون أهواءهم، ولا يرجعون إلى دين، فيكون حالهم شبيهًا
بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه و
ما يرضيه
ويجتنب ما يغضبه.. كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله
مؤمنًا به، متبعًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه.
والمعنى الآخر للحكمة ما عبَّر عنه النبي في حديث
أسامة بن زيد رضي الله عنهما: "وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب
العالمين، وأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم".
فأحبَّ النبي أن تُرفع أعماله وتُختَم أعمال السنة وهو على أفضل حال
من العبادة والطاعة؛ ولذلك قال: "وأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم".
وذُكر في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلاّ
يدخل في رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتاده،
ووجد بصيام شعبان قَبْلَه حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرِع فيه ما يُشْرَع في رمضان من الصيام
وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهُّب لصيام رمضان، وتروَّضَ النفوس على طاعة الرحمن.
قال سلمة بن كهيل الحضرمي الكوفي التابعي رحمه الله تعالى: وذلك لأن القوم
كانوا إذا أقبل عليهم شهر شعبان تفرَّغوا لقراءة القرآن الكريم، ومن ثَمَّ قالوا: شعبان شهر القُرَّاء.
خطوات نتواصى بها ونحن على أعتاب الشهر الكريم
هذا موسم من مواسم الطاعة، وفرصة من الفرص الذهبية التي تُتاح لعشاق الجنة
الذين يتوقون إلى رفقة سيد المرسلين محمد ، ما أجمل التسابق
بين أفراد الأسرة في طاعة الله! وما أطيب التعاون بينهم
على البر والتقوى والعبادة والطاعة!
لا سيما في هذا الشهر الكريم.
1- الاقتداء برسول الله والتأسي به في
طاعته لله تعالى، وكثرة صيامه في هذا الشهر الكريم.
2- أن تسارع المسلمات الفضليات بقضاء ما عليهن من أيام رمضان
الماضي؛ اقتداءً بأمهات المؤمنين زوجات النبي الكريم ؛ حيث كُنَّ يؤخِّرن قضاء
رمضان إلى شعبان ليوافق صيام النبي في شعبان؛ وذلك لأنهن كُنَّ
يشتغلن مع النبي عن قضاء ما عليهن من رمضان.
3- أن يُقبل الجميع على كتاب الله تعالى تلاوةً وتدبرًا وتعبدًا وتخشعًا، فما هي
إلا أيام ويُقبل علينا شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن الكريم.
4- أن يسارع الإخوة الكرام، أئمة المحراب، الذين يؤمون المسلمين
في صلاة التراويح، ويبادروا إلى مراجعة ما يحفظون من كتاب الله تعالى، وأن يشغلوا
أنفسهم في شهر شعبان بهذا الواجب؛ حتى يكونوا في رمضان على أفضل حال.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد معلم الناس الخير.
موقع أخوان أون لاين
طريق الإسلام
وهكذا أحبتي نوصل لـنهاية الموضوع ، آمل أنكم استفدتم مثل ما أنا إستفدت منه
وأشكر المصمم { H Ф Ł M I S }الذي صمم هذا الطقم الرهييب شكراً لك
في أمان الله
ورحايته